الأربعاء، 9 فبراير 2011

وداعاً للجنون

حتى ساعة يدي صارت تطوقني بك، تكبل يدي ...تقودني إليك في كل ثانية من دقاتها.. من أين أتيت لي؟
أين خبأك القدر كل هذه السنوات؟
الفتاة المشاغبة، هكذا نشأت في حارتنا.. لعبت مع عشرين من الأولاد ولم أكن أطيق فتاة واحدة. مازلت أتذكر جيداً اللعب بأعواد الثقاب في غرفة نوم جارتنا مع ابنها الذي كان ثائراً منذ طفولته على كل شيء. لم يكن يطيق الهدوء ولا رؤية الأشياء الرتيبة.. كان يحب التغيير وأنا مثله تماماً. قضينا لعبتنا ذلك الصباح في محاولة إشعال أعواد الثقاب واحداً تلو الآخر ولصغر سننا لم نكن نستطع حقاً إشعالها بالطريقة المناسبة ولذا كنا نكتفي برميها سريعاً إلى تحت السرير.
لم يمر وقت طويل إلاّ ونحن مذهولان بالحريق الذي قضى على كل ممتلكات بيت جيراننا. جارتنا التي كانت تصيح بأعلى صوتها طلباً للنجدة أخبرت الجميع باستغرابها الشديد أن الحريق بدأ من غرفة نومها. لم يكن أحد يستطيع حينها أن يتوقع السبب في هذه الكارثة.
الجميع يحاول إطفاء الحريق بجلب الماء من البيوت المجاورة ونحن في هدوء يسيطر عليه الصدمة والتي كانت تزيد مع كل انفجار لنوافذ البيت المشتعل نتذكر الأحداث خلال اليوم والتي أحداها اللعب بأعواد الثقاب في غرفة النوم.
يا إلهي ... أنا سبب هذه الكارثة.!!
وها أنذا ألعب بأعواد الثقاب فأشعل قلبي .. وأنا كما تلك اللحظات أعيش صدمة الاشتعال المفاجئ الذي لن ينطفئ بماء الجيران هذه المرة ولكن.. بك أنت.
أعترف انك أنت وحدك اكتشفتني أو فلنقل أنك من جعلني أكتشف أنني أنثى. اكتشاف جميل وقاسي.
متطرفة أنا منذ طفولتي، أعشق التحديات التي تضعني في مواجهة الجنس الآخر ولا أقبل الهزيمة. لكنني الآن وقد هزمَتْني أنوثتي في حضرتك لم يعد أمامي من خيارات للنصر سوى الهرب منك.
- سأقول لكَ وداعاً إذاً
- ولكني لا أستطيع أن أقولها
- أرجوكَ ساعدني.. " إن كنت حبيبي ساعدني كي أبعد عنك..أو كنت طبيبي ساعدني كي أشفى منك" هل تتذكر هذه الكلمات للشاعر الكبير نزار قباني والتي قلتها لك في أول لقاء لنا.. هي إذاً ما احتاجه منك في آخر لقاء..
- أنا لن أقول لكِ وداعاً ولكن أستطيع أن أقول وداعاً للجنون.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق